شعار تجمع هذا العام، من العظيم والجيد أنه "تشكيل عالم ما بعد الأزمة". غير أن هنالك إشارات قليلة إلى التواضع، ناهيك عن محاولة مواءمة الأمور في المنتدى الاقتصادي الدولي في دافوس.
ظل وصول نحو 2500 من الشخصيات المهمة، إلى فنادق ومتاجر ومطاعم هذه البلدة في جبال الألب السويسرية سنوياً، بمثابة نشاط عملي كبير.
قد يكون العالم يواجه انكماشاً، ولكن هذا التجمع يجتذب مشاركين من 96 بلداً في أكبر تجمع يتم حتى الآن. وتقول كارولينا ليندنز، من المكتب السياحي في دافوس "تم حجز جميع غرف الفنادق، وتم إشغال أي غرفة موجودة، ولم يسبق أن شارك في المنتدى مثل هذا العدد".
قد يكون ذلك مفاجئاً. وليس أقل ذلك بسبب الأزمة الحادة التي تعرضت لها الخدمات المالية، حيث يشكل ممثلو مؤسسات هذه الخدمات أكبر شريحة منفردة في رعاة ومشاركي هذا المنتدى الاقتصادي العالمي.
خمّن بعض المراقبين أن المشاركين حريصون على التوصل إلى بصائر ومرئيات داخلية إزاء الأزمة العالمية، بينما جادل آخرون بأن الشركات وضعت خطط سفر وفودها قبل أن تستفحل الأزمة الاقتصادية. واعترف أحد كبار الممولين بأن شركته يمكن ألا تشارك العام المقبل، علماً بأنها تشارك في تجمع العام الحالي. وأضاف "أصبحت هذه المناسبة منتجاً نتساءل حول قيمة المشاركة فيه، حيث إن من الواضح أن تكاليف ذلك مرتفعة للغاية".
مع ذلك، فإن كلاوس شواب، مؤسس المنتدى وشعلته المضيئة، أصبح أكثر وعياً وانتباهاً من ذي قبل, للحاجة إلى التقليل من مظاهر البذخ والتجاوز. وعلى الرغم من أن الاحتجاجات ضد العولمة قد تراجعت بحدة منذ أن بلغت ذروتها، فإن شواب ظل يدعو إلى انضباط خاص هذا العام.
وقال سويسري مخضرم في حضور هذا المنتدى "إن كلاوس يفضل أن يرى الجميع وهم يأكلون الخبز المحمص، ويشربون الماء فقط، في هذا الاكتئاب الاقتصادي العالمي، ولكن ليس هنالك ما يشير الى أن المشاركين سوف يقللون من بذخ حفلاتهم، واستقبالاتهم". ولم يشأ هذا المخضرم أن نذكر اسمه.
على الرغم من أن كثيرين من السكان المحليين يرون أن هذه المناسبة غير مريحة لهم، إلا أنها تمثل فرصة مواتية للنشاطات العملية ذات العلاقة. وعلى الرغم من امتلاء جداول العمل بالشغل والمهام، إلا أن المشاركين في المؤتمر يستطيعون تخصيص ما يكفي من الوقت للتجول على متاجر دافوس، ومطاعمها.
يمكن أن يكون الاقتصاد السويسري متباطئاً، فإنه يظل في وضع أفضل تماماً من أي من جيران سويسرا الأوروبيين، حيث تحتفظ متاجر الساعات، والمجوهرات، بألقها كما كانت دائماً. ولن يرى جوردون براون، رئيس وزراء المملكة المتحدة، سوى القليل من الاكتئاب الذي يتوافر بكثرة في بلده.
أثبتت الدراسة أن هذا المنتدى يجلب نحو 30 مليون فرنك سويسري (26 مليون دولار أمريكي، أو 20 مليون يورو، أو 19 مليون جنيه استرليني) لسويسرا. ويقول عمدة دافوس، إن الكثير من تلك الأموال تتدفق على نشاطات عملية محلية.
غير أنه بينما يمكن أن تكون التسلية مبذرة كالعادة، إلا أن المشاركين يعتقدون أن الجو المحيط بالمنتدى، سوف يكون أكثر جدية هذا العام، حيث إن كثيراً من الرؤساء التنفيذيين الحاضرين للمنتدى، تركوا وراءهم أسعار أسهم ظلت تتهاوى في الأشهر الأخيرة.
لم ينج حتى السويسريون من ذلك، حيث شهد جاك آيجرين، الرئيس التنفيذي لشركة ري Re السويسرية التي تعتبر من الشركات الرائدة في إعادة التأمين، كما يعتبر من الشخصيات المهمة التي تشارك في هذا المنتدى، سهم مجموعته وهو يتراجع بنسبة 20 في المائة تقريباً، يوم الجمعة، بسبب مخاوف من تخفيض قيم المجودات. ولوحظ كذلك أن والتر كيلوز، وبرادي دوجان، الرئيس، والرئيس التنفيذي لبنك كريديه سويس، اللذين يحضران هذا المنتدى بانتظام كذلك، ليسا في مزاجهما المرح المعتاد.
يقول جان بيير جالي، مدير فندق أرابيلا شيراتون شيوف، أحد أفضل فنادق دافوس: إن قوائم الطعام كما هي، ولكن المزاج تغير. وتم استبدال الحفلات الكبرى هذا العام، بعدد أكبر من مناسبات غداء وعشاء العمل.